فصل: من أقوال المفسرين في تفسير قوله تعالي على لسان عبده ونبيه يوسف عليه السلام: {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون} (يوسف:47)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإشارات الكونية في سورة يوسف عليه السلام:

جاء في سورة يوسف عليه السلام عدد غير قليل من الإشارات الكونية التي نوجز منها ما يلي:
(1) ليس من قبيل المصادفة أن يكون عدد إخوة يوسف عليه السلام أحد عشر، ويكون عدد الكواكب في مجموعتنا الشمسية بنفس العدد، وأن يري يوسف في رؤياه أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، وتتحقق هذه الرؤيا بسجود إخوته وأبويه له يوم جمعهم الله جميعا علي أرض مصر، وفي ذلك يقول ربنا-تبارك وتعالى-: {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} [يوسف:4].
(2) الإشارة إلي واقعة تاريخية وقعت بمصر من قبل بعثة المصطفي صلى الله عليه وسلم بأكثر من اثني عشر قرنا مؤداها مرور سبع سنين من الخصب العام، تليها سبع سنين عجاف من القحط والجفاف والجدب، يليها عام زالت فيه تلك الشدة ونزل الغيث وعم الرخاء، وقد أثبتت الدراسات الأثرية صدق ذلك.
(3) التوصية الإلهية التي ألهمها ربنا-تبارك وتعالى- لعبده يوسف عليه السلام بترك القمح المخزون من أعوام الرخاء لأعوام الشدة في سنابله، وقد أثبتت التجارب في خزن المحاصيل الزراعية انها الطريقة المثلي في حفظ المحاصيل ذات السنابل لمدد طويلة دون فساد أو تسوس أو نقص في محتواها الغذائي.
(4) وصف عيني سيدنا يعقوب عليه السلام بأنهما ابيضتا من الحزن وهو مايعرف اليوم باسم الماء الأبيض أو (الكاتاراكت) وهو عبارة عن عتامة تحدث لعدسة العين تمنع دخول الضوء جزئيا أو كليا حسب درجة العتامة، وقد تحدث بسبب الحزن الشديد المصاحب بالبكاء أو لكبر السن وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالي: {وتولي عنهم وقال يا أسفا علي يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم} [يوسف:84].
(5) الإشارة إلي أن عرق الإنسان به من المركبات الكيميائية ما يمكن من شفاء عتامة عدسة العين (الماء الأبيض)، وهو ما توصل إليه الأستاذ الدكتور عبد الباسط سيد محمد الأستاذ بالمركز القومي للبحوث- بالدقي- القاهرة بعد ان قام بنقع عدد من العدسات المعتمة (التي تم استخراجها من عيون عدد من المرضي بعمليات جراحية) في عرق الإنسان فوجد أنها تحدث حالة من الشفافية التدريجية لتلك العدسات، ووجد أن العامل المؤثر في ذلك هو أحد المركبات الكيميائية لعرق الإنسان، واسمه العلمي (الجواندين)، وأمكن تحضير هذا المركب مختبريا، وإنتاج قطرة منه حصل بها علي براءة اختراع أوروبية وأخري أمريكية في العامين 1991م و1993م علي التوالي، وقد استوحي هذا العالم الجليل فكرة تلك القطرة من قول ربنا تبارك وتعالى علي لسان عبده ونبيه يوسف عليه السلام ما نصه: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه علي وجه أبي يأت بصيرا واتوني بأهلكم أجمعين} [يوسف:93].
(6) الإشارة إلي أن بالسماوات والأرض من الآيات الحسية ما يشهد لله الخالق سبحانه وتعالى بطلاقة القدرة، وعظيم الصنعة، وإحكام الخلق، وقد أثبتت الدراسات العلمية ذلك، وإن كان أغلب الناس {يمرون عليها وهم عنها معرضون}.
وكل واحدة من هذه الإشارات الكونية تحتاج إلي معالجة خاصة بها، ولذلك فإنني سوف أقصر حديثي هنا علي النقطة الثالثة المتعلقة بخزن المحاصيل ذات السنابل في سنابلها، وقبل الوصول إلي ذلك لابد من استعراض سريع لأقوال عدد من المفسرين في شرح دلالة هذه الآية الكريمة.

.من أقوال المفسرين في تفسير قوله تعالي على لسان عبده ونبيه يوسف عليه السلام: {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون} [يوسف:47]

ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله ما مختصره: قال: {تزرعون سبع سنين دأبا} أي يأتيكم الخصب والمطر سبع سنين متواليات {فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون}: أي مهما استغللتم في هذه السبع السنين الخصب فادخروه في سنبله ليكون أبقي له وأبعد عن إسراع الفساد إليه إلا المقدار الذي تأكلونه، وليكن قليلا قليلا لاتسرفوا فيه، لتنتفعوا به في السبع الشداد، وهن السبع سنين المحل التي تعقب هذه السبع المتواليات، وهن البقرات العجاف اللاتي تأكل السمان، لأن سني الجدب يؤكل فيها ما جمعوه في سني الخصب، وهن السنبلات اليابسات، وأخبرهم أنهن لاينبتن شيئا وما بذروه فلا يرجعون منه إلي شيء، ولهذا قال: {يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون} ثم بشرهم بعد الجدب العام المتوالي بأنه يعقبهم بعد ذلك {عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} أي يأتيهم الغيث وهوالمطر، وتغل البلاد، ويعصر الناس ما كانوا يعصرون، علي عادتهم من زيت وعنب ونحوه.
ومن قبل ذكر الإمام الطبري رحمه الله كما ذكر بقية المفسرين كلاما مشابها مع تفاوت بسيط في شرح دلالة بعض كلمات الآية الكريمة، ولذلك أري الاكتفاء هنا بكلام الإمام ابن كثير رحمه الله ورحم جميع المفسرين الذين خدموا القرآن الكريم برحمته الواسعة.

.من الدلالات العلمية للآية الكريمة:

يعتبر القمح أهم أغذية الإنسان، وقد عرف في المشرق العربي قبل بدء التاريخ، ثم انتشر إلي أواسط آسيا، ومن بعد ذلك إلي بقية أجزاء العالم، وكان قدماء المصريين من أوائل الشعوب التي زرعت القمح، وإن كان تاريخ زراعته يرجع إلي العصر الحجري إن لم يكن قبل ذلك.
والقمح يتبع العائلة النجيلية (FamilyGramineae) نسبة إلي نبات النجيل، وتضم هذه العائلة بالإضافة إلي القمح عددا من المحاصيل الأخري مثل الشعير، الذرة، الشوفان الراي أو الجاردار (Rye) والأرز، السرجوم (Sorghum)، كما تشمل نباتات اقتصادية اخري مثل قصب السكر، والغاب والنجيل وغير ذلك من حشائش المراعي، والأعشاب الطبية، وتشمل عائلة النجيليات حوالي 450 جنسا، وسبعة آلاف نوع من أنواع النباتات التي تنتشر علي سطح الأرض لتغطي مساحات هائلة تفوق المساحات التي تغطيها أفراد أية عائلة نباتية أخري، وتمثل العائلة النجيلية بأعشاب حولية أو معمرة، وإن كان بعضها يمثل بنباتات خشبية قد يصل طول الواحدة منها إلي اكثر من ثلاثين مترا كما هو الحال في نباتات الخيزران الهندي.
وأزهار النجيليات عادة ما تكون بسيطة التركيب صغيرة الحجم، خضراء ويتم تلقيحها بواسطة الرياح.
والقمح هو أهم أجناس العائلة النجيلية علي الإطلاق، ويعرف منه في مصر ثلاثة أنواع رئيسية علي الأقل تعرف بالأسماء التالية:
(1) القمح شديد الاحتمال (الدكر) (Triticumdurum) أو (Emmer) وهذا النوع من القمح يزرع في جنوب صعيد مصر، وفي واحات الصحراء الغربية، وفي شبه جزيرة سيناء.
(2) القمح البلدي (الهرمي) Triticumpyramidale ويزرع في شمال صعيد مصر وفي الفيوم.
(3) القمح الهندي TriticumVulgare ويزرع في الوجه البحري.
وتتميز نباتات العائلة النجيلية بالجذور الليفية التي يحمل الكثير منها ريزومات عقدية وتتكاثر أغلبها بالأشطاء وهي براعم تنمو عند المنطقة الفاصلة بين الجذر والساق (فوق التربة) كما هو الحال في نبات القمح، الذي تتكون جذوره من مجموع أساسي خارج من البذرة النابتة، ومجموع عرضي يخرج من البراعم الجانبية، وكذلك الساق يتميز إلي ساق أساسي (يمثل نمو السويقة المنبثقة من داخل البذرة النابتة) وسيقان عرضية علي هيئة أفرع قاعدية تخرج من البراعم الإبطية الموجودة عند العقد القاعدية، المزدوجة، النامية علي قاعدة الساق الأساسية عند منطقة الاتصال بين الجذر والساق فوق سطح الأرض (التربة) مباشرة، وبذلك ينبت من الحبة الواحدة مجموعة من الأفرع أو السيقان المحيطة بالساق الرئيسي تعرف باسم الأشطاء (مفردها شطء) ويتراوح عددها بين العشرين والثلاثين وقد يصل إلي الخمسين، وعلي ذلك فإن نبتة القمح الواحدة توجد في حزمة مركبة من الأشطاء النامية حول الساق الأساسي وكلها متصلة ببعضها البعض في مجموعة من الجذور الليفية مما يوضح خروجها من أصل واحد، أي من بادرة واحدة خارجة من بذرة واحدة، فالحبة النابتة تخرج منها البادرة، والبادرة تعطي الأشطاء في منطقة الاتصال بين الجذر والساق فوق التربة مباشرة، ولا تلبث تلك أن تنمو حتي تصل إلي طول الساق الأصلية تقريبا وتعطي سنابل مثلها، بحيث يكون لكل شطء سنبلة خاصة به، وبذلك تنبت الحبة الواحدة نباتات تحمل عدة سنابل، وأوراق شجيرة القمح متبادلة علي ساقها، وكل واحدة منها تحمل زوجا من الأذينات عند قاعدة النصل، وللساق غمد يحيط به، ونورة نبات القمح تتكون من حشد من الأزهار التي تتجمع علي جزء من الساق، وبذلك تتركب النورة من جزء من الساق يسمي محور النورة، وعدد من الأزهار التي تخرج من آباط أوراق صغيرة تسمي القنابات (العصيفات أو العصافات مفردها عصيفة)، وفي بعض الأحيان تظهر الأزهار دون قنابات.
ونورة نبات القمح نورة مركبة يستطيل فيها المحور وتترتب عليه الأزهار الجالسة التي بعد إخصابها تعطي الثمرة وهي بذور القمح، وعند تمام الإخصاب تتحول نورة القمح إلي سنبلة خضراء ثم بعد تمام نضجها تتحول إلي سنبلة صفراء ذهبية.
وسنبلة القمح سنبلة مركبة، يحمل فيها المحور سنابل أصغر تعرف باسم السنيبلات، وهي جانبية الترتيب في تبادل علي صفين متقابلين، وينتهي المحور عادة بسنبلة طرفية.
وتحمل السنبلة في المتوسط (15- 20) سنيبلة، ويتفاوت عدد الأزهار في السنيبلة الواحدة بين (2- 9) ويكون في النسيبلة الواحدة حبتان إلي ثلاث حبات من القمح. ولبعض سلالات القمح شوكة طرفية دقيقة جدا تعرف باسم (السفا أو الحسكة). ونبات الشعير يشبه نبات القمح في شكله وفي العديد من صفاته، والشعير من أقدم محاصيل الحبوب التي عرفها الإنسان وقام علي زراعتها، وكان يعتبر المصدر الرئيسي لدقيق الخبز حتي حل القمح محله في ذلك. ولكل من حبتي القمح والشعير غلاف رقيق ولكنه صلب، يلتصق بالحبة بشدة بالغة، ويعتبر حماية لها من الرطوبة، والتغيرات المناخية، ومن مختلف أنواع الكائنات الحية الضارة، والملوثات الكيميائية، ويعرف باسم الغلاف المحيط (Pericarp)، وهو ينفصل عن حبة القمح (البرة) علي هيئة النخالة عند الطحن، وتؤلف النخالة حوالي 8،5% من وزن حبة القمح وهي ثمرة جافة، صغيرة، التحم جدارها بغلاف البذرة التحاما كاملا.
وجنين بذرة القمح صغير جدا ويتكون من مركبات كيميائية ذات قيمة غذائية عالية من مثل البروتينات والفيتامينات والدهون ويشكل ذلك حوالي 2%- 2.5% من وزن حبة القمح وعادة ما تستبعد الدهون من الدقيق عند طحنه لأنها تتحلل وتفسد مع التخزين لمدد طويلة، ويحاط الجنين بمخزون غذائي علي هيئة طبقة بروتينية غنية بمادة الجلوتين (Gluten) وبمركبات الفوسفور والنشا، وجزيئات الجلوتين خيطية الشكل ومتشابكة مع بعضها البعض، ومن فوائدها أنها تجعل العجين لينا سهل التشكيل، وقابلا للتخمر بإضافة الخميرة إليه، ويمثل المخزون الغذائي في حبة القمح حوالي 87% إلي 88% من كتلتها.
وحبة القمح تغلفها قنابة تسمي العصافة (Glume) هي التي تكون قشر الحنطة. والحبوب في كل من السنيبلات والسنابل محاطة بأغلفة واقية وأشواك وشعيرات تحميها من الفطريات والبكتريا والجراثيم، والحشرات والرطوبة، ومن تقلبات الطقس وتيارات الهواء الجوي المباشر المحمل بالملوثات، وهذه الأغلفة بالرغم من صلابتها، وشدة إحكامها فإنها تسمح للجنين الكامن في داخل البذرة- وهو في حالة من الركود الحيوي والسكون- بقدر من التهوية غير المباشرة والمستمرة، وتحول دون ارتفاع نسبة الرطوبة للحيلولة دون إنبات الجنين في أوقات التخزين، كذلك فإن البذرة الجافة وأغلفتها تحتوي علي آثار طفيفة من مركبات كيميائية حافظة للبذرة، ومثبطة لعملية إنباتها تحت الظروف الجافة، وعلي مركبات أخري مضادة لكل من البكتريا، والفطريات والجراثيم المحتمل وصولها إلي الحبوب أثناء تخزينها.
انطلاقا من ذلك كله جاءت الآية الكريمة التي نحن بصددها إلهاما من الله سبحانه وتعالى لنبيه يوسف عليه السلام لكي ينصح بخزن المحاصيل الزراعية كالقمح والشعير، والأرز، والشوفان في سنابلها، وقد أثبتت التجربة أنه أفضل نظام لحفظ تلك المحاصيل طالت مدد ذلك الحفظ أم قصرت، وقد طبقها يوسف عليه السلام لمدة وصلت إلي خمس عشرة سنة دون أن تفسد وبقيت طوال هذه المدة محافظة علي قيمتها الغذائية كاملة، وعلي حيويتها، وقدرتها علي الإنبات والنمو والإثمار.
ولقد قام الأستاذ الدكتور عبد المجيد بلعابد (من جامعة وجدة بالمغرب العربي) بتجربة عملية للتأكد من ذلك فترك بذور القمح في سنابلها لمدة عامين تحت ظروف عادية لم يراع فيها أية شروط من شروط تخزين الحبوب، وجرد بعض البذور من سنابلها وتركها أيضا تحت نفس الظروف ولنفس المدة الزمنية، فلاحظ أن الحبوب في السنابل لم يطرأ عليها أي تغيير لا في محتواها من المواد الغذائية ولا في قدرتها علي الإنبات سوي فقدها لجزء من محتواها المائي مما جعلها أكثر جفافا وأصلح للحفظ وللإنبات لأن وجود الماء يسهل من تعفن القمح، خاصة أن نسبة الماء في بذوره تصل إلي 20،3%.
في نفس الوقت لاحظ الباحث أن حبوب القمح التي جردت من سنابلها فقدت 20% من محتواها من المواد البروتينية بعد سنة من خزنها، وفقدت 32% من هذا المحتوي بعد سنتين، وكذلك فقدت نسبة كبيرة من قدرتها علي الإنبات والنمو والإثمار.
وبذلك ثبت بالتجربة أن افضل طريقة لتخزين المحاصيل النباتية التي تنتج في سنابل كالقمح والشعير والأرز هو حفظها في سنابلها التي خلقها الله-تعالى- فيها.
وهذا هو من الوحي الذي أوحاه الله-تعالى- إلي نبيه يوسف عليه السلام، وذكره مع قصته كاملة في القرآن الكريم مما يشهد لهذا الكتاب الخالد أنه لايمكن أن يكون صناعة بشرية، بل هو كلام الخالق العليم الحكيم سبحانه وتعالى ويشهد لكل من يوسف بن يعقوب عليه السلام ولخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم بالنبوة وبالرسالة، لأن المصريين القدماء ماكانوا يعرفون طريقة لحفظ الغلال وخزنها إلا معزولة عن سنابلها، والأمر الإلهي بحفظها في سنابلها لم يدرك إلا بعد مشورة هذا النبي سليل بيت النبوة (على نبينا وعليه من الله تعالى أفضل الصلاة وأزكى التسليم)، ولا يزال القمح يخزن في أيامنا هذه مفروطا من سنابله مما يعرضه لفساد كبير عند خزنه علي الرغم من الاحتياطات الكثيرة التي تتخذ في صوامع ومخازن الغلال.
وإذا أضفنا إلي ذلك مقارنة قصة يوسف عليه السلام كما أنزلت في القرآن الكريم علي نبي أمي صلى الله عليه وسلم وسط أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين، مع ما ورد عنها في سفر التكوين، اتضحت لنا وحدة رسالة السماء، والأخوة بين الأنبياء، وفضل الإسلام العظيم علي الناس أجمعين، وفضل القرآن الكريم علي غيره من الكتب، لأن القصة في سفر التكوين مع تشابهها مع ما جاء في القرآن الكريم قد عابها كثير من النقص البشري، والتحريف عندما رويت شفاهة ودونت بعد ضياع مصادرها الأصلية بقرون متطاولة. وهنا يتضح فضل العهد الإلهي الذي قطعه ربنا-تبارك وتعالى- علي ذاته العلية بحفظه للقرآن الكريم من لحظة نزوله وإلي قيام الساعة فقال عز من قائل: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر:9].
فالحمد لله علي نعمة الإسلام، والحمد لله علي نعمة القرآن، والحمد لله أولا وآخرا، وصلي الله وسلم وبارك علي كافة أنبياء الله ورسله أجمعين، وعلي من تبعهم بإحسان إلي يوم الدين، ونسأل الله تعالي أن يخص خاتم الأنبياء والمرسلين وآل بيته الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، ومن والاهم وسار علي دربهم إلي يوم الدين بأفضل الصلاة وأزكي التسليم وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين. اهـ.